عدد الرسائل : 82 الموقع : bougassasabdellatif@yahoo.fr العمل/الترفيه : استاذ المزاج : جيد تاريخ التسجيل : 06/04/2010
موضوع: الزخرفة الهندسية الجمعة مايو 07, 2010 3:49 pm
برع المسلمون في استعمال الخطوط الهندسية ، وصياغتها في اشكال فنية رائعة ، فظهرت المضلعات المختلفة ، والاشكال النجمية ، والداوئر المتداخلة ..
وقد زينت هذه الزخرفة المباني ، كما وشحت التحف الخشبية والنحاسية ودخلت في صناعة الابواب وزخرفة السقوف .
ولئن كانت هذه الزخارف دليلا على موهبة فنية عظيمة فهي أيضا دليل على علم متقدم بالهندسنة العملية .
والزخرفة الهندسية ذات أهمية خاصة في الفن الأسلامي ،ولعل أهميتها تلك نتيجة لما أشرنا اليه في الزخرفة النباتية ، من حيث مطابقتها للمواصفات التي يقبلها المنهج الأسلامي.
وهذا مايفسر لنا ذلك الأثر الكبير الذي تفرضه على كل الفن الأسلامي أذ أصبح الأسلوب الهندسي واحدا من الأساليب التي طبعت الزخرفة النباتية نفسها بأسلوبها فكثيرا ما جاءت هذه الزخرفة بأخراج هندسي عجيب بل أن الكتابة نفسها - وهي الفن الأسلامي الاّخر - كثيرا ماتفنن في أخراجها الفنان المسلم فجاءت في قوالب هندسية متنوعة الأشكال .
لقد أستطاعت الهندسة أن تفرض سيادتها - في الفن الأسلامي - وذلك بغلبتها على شبق الأشكال كما يقول "جارودي".
ولا يفوتنا هنا أن نذكر ماكان للفرجار من دور في تقدم هذه الزخرفة وسيادتها ، فقد كان للدائرة دور كبير في هذا العطاء غير المحدود من الأشكال يؤكد هذا ويوسع مساحته ملء بعض المساحات وترك غيرها فارغة.
وقد استطاع المسلمون أستخراج أشكال هندسية متنوعه من الدائرة ، منها المسدس والمثمن والمعشر .. وبالتالي المثلث والمربع والمخمس ، ومن تداخل هذه الأشكال مع بعضها وملء بعض المساحات وترك بعضها فارغا نحصل على مالا حصر له من تلك الزخرفات البديعة التي تستوقف العين لتنقل بها رويدا رويدا من الجزء الى الكل ومن كل جزئي الى كل أكبر..
ولقد كان "هنري فوسيون" دقيق التعبير عميق الملاحظة حينما قال: "ماأخال شيئا يمكنه ان يجرد الحياة من ثوبها الظاهر وينقلنا الى مضمونها الدفين مثل التشكيلات الهندسية للزخارف الأسلامية ، فليست هذه التشكيلات سوى ثمرة لتفكير قائم على حساب الدقيق قد يتحول الى نوع من الرسوم البيانة لأفكار فلسفية ومعان روحية ، غير أنه ينبغي الا يفوتنا أنه خلال هذا الأطار التجريدي تنطلق حياة متدفقة عبر الخطوط فتؤلف بينها تكوينات تتكاثر وتتزايد ، متفرقة مرة ومجتمعه مرات وكأن هناك روحا هائمة هي التي يصلح لأكثر من تأويل يتوقف على مايصوب عليه المرء نظره ويتأمله منها وجميعها تخفى وتكشف في انواحد عن سر ماتتضمنه من امكانات وطاقات بلا حدود".