أعمال مونيه الانطباعية والخطوة الأولى في الفن التجريدي
كاتب الموضوع
رسالة
عبداللطيف بوقصاص
عدد الرسائل : 82 الموقع : bougassasabdellatif@yahoo.fr العمل/الترفيه : استاذ المزاج : جيد تاريخ التسجيل : 06/04/2010
موضوع: أعمال مونيه الانطباعية والخطوة الأولى في الفن التجريدي الجمعة مايو 07, 2010 3:52 pm
لقد اضاف كلود مونيه(1840-1926) بعدا آخر الى الانطباعية، ربما كان جديدا في الرسم ذلك هو بعد الزمن وتأثيره في موضوع اللوحة وكان اكثر رسامي الانطباعية انفعالا تجاه الطبيعة واكثرهم معاناة في التعبير عن تحولاتها،
وتحريض جماعته على الاندماج مع الطبيعة والخروج علنا على تقاليد فن الرسم المترسخة عبر قرون واحدث نوعا من تأجيل العلاقة مع الاستديو، ان لم يكن نوعا من القطعية، يتضح ذلك جليا في اعماله التي اتخذت اماكن مختارة مواضيع لها مثل(كاتدرائيات روان، بحر المانش، نهر السين) وهي اعمال اولت اهتمامها الاول لتأثير الزمن في الموضوع يوميا او مختلف ساعات النهار، فيما يتعلق باختلاف الحرارة والضوء والضباب، مثلما فعل(سيزان) في تصوير(جبل سانت) ضمن هذا المفهوم او رسم صورته الشخصية امام المرآة باوضاع شتى . وقد نظم مونيه اعماله على وفق جدولين اساسيين يتعلقان بالمكان والزمان من خلال سلسلة لوحات منظمة ومدروسة لاماكن محددة، وتعد كشوفه هذه ومحاولاته بمثابة الدخول لمنطقة غريبة يتداخل فيها الزمان والمكان معا سواء في الواقع او على سطح اللوحة وهو ما يحمل في طياته دلالات رمزية شيدها قبل الاتجاه الرمزي الذي ظهر لاحقا وكان غوغان احد اعمدته الذي تمرد على الانطباعية ومبدأ محاكاة الطبيعة وفكرة التوازن مثلما تمرد على حياته البرجوازية . كان مونيه دائما يردد عبارة اثيره لديه (نحن نرسم كما يغني الطير، الرسوم لا تصنعها الشرائع) هذه العبارة كانت تدل على امرين لمونيه نفسه الاول : هو ان فن الرسم لديه امر فطري يسكن كيانه ويحرك حياته ويعنون وجوده في العالم . اما الثاني فهو الخروج على القواعد والثوابت والتعاليم في فن الرسم، بمعنى امتلاك الحرية في اختيار الكيفية التي ينجز بها الفنان اعماله، ولكن في كلتا الحالتين لا يعني ان حياته ووجوده الفني تقودهما فطرة عمياء . ففطرته الفنية حقيقة قائمة في وجوده الشخصي ككيان انساني متفرد في مساحة الوجود الكلي للعالم وخروجه على القواعد هو ضرب من الحرية التي تدعم وجوده كفنان. لم يكن مونيه مأخوذا باللوفر، بل كان يكتفي منه بما تولده لديه مقتنياته من دفء وهو يرى المنجز البشري في الفن عبر التاريخ ولكنه بواسطة هذا الدفء ما كان يبحث عما يحافظ على ذاكرته، بل عما يخلق ذاكرة جديدة لدى الاجيال القادمة من دون ان يقدم مقترحا بترشيح نفسه لهذه الذاكرة . كرس مونيه نفسه كليا لتسجيل ظاهرة المرئية على القماشة، لكي يعجل الانفعالات المدركة، بما يتوقف على حسية الفنان الذاتية، محاولا ايجاد بديل عنها والتعبير عن القوى المحركة وراء هذه المظاهر، اذ رسم الازهار وظلال الاشجار تمتزج بانعكاسات الغيوم المنسابة فوقها ، وبذا تحولت طبيعته الى نوع من الرمزية الكونية التي مست الفن التجريدي مسا وشيكا واصبحت عتبته الاولى عبر ايحاءاتها الشكلانية في محاولة لاقامة علاقة بين مستجدات العلم المعاصر والظواهر مثلما وصفها الانطباعيون بعده، ولم تكن مثل هذه الاحساسيس امرا واقعيا، وانما اداء مباشرا للحظوية المشهد، الذي امسك به عندما غربت الشمس سريعا على حد تعبيره، اذ اتخذ الرسم لديه القا وقوة من خلال مزج اللون في اللوحة وتأثيرها في العين، موضحا ان اللون وتأثير الزمن فيه هو الاساس في التصوير، واصبح الشيء ذاته موضع عدم ثقة لديه وفي التطورات الحديثة للانطباعية، ليصبح الوعي قصدا لا غنى عنه في الصورة .
أعمال مونيه الانطباعية والخطوة الأولى في الفن التجريدي