المخدرات بلاء عظيم وبلاء شامل، والكبد كسائر اعضاء الجسم تتأثر تأثرا شديدا وسيئا بسبب تعاطي المخدرات، والكبد هو العضو المسؤول عن التخلص من السموم في الجسم وبواسطته تتم تنقية الدم من كل ما هو ضار إلا أن خلايا الكبد لا تستطيع الصمود طويلا أمام السموم القوية التي تفتك بها وتدمرهاوهنا أمثلة لبعض أنواع السموم المخدرة:
1 المورفين:
المورفين يؤدي إلى انقباض شديد في فتحة القناة المرارية الموصلة بين الكبد والإثني عشر وهذا يؤدي إلى انحباس السائل الصفراوي واسترجاعه إلى الكبد.
ومع تكرار هذا الحدث لفترة طويلة يحدث تلف في القنوات المرارية الدقيقة داخل الكبد ويظهر اثر ذلك على المريض على شكل اصفرار في الجلد والعينين وكذلك حكة شديدة بالجلد.
2 الكوكايين:
تؤدي هذه المادة المخدرة إلى تكسر في خلايا الكبد خاصة في المنطقة المجاورة لفرع الوريد البابي، هذا التكسر قد لا يؤدي إلى آثار واضحة في البداية ولكنه مع الاستمرار في تعاطي هذا المخدر يزداد التلف في خلايا الكبد وتضعف وظائفها وتتكون ألياف نسيجية في مكان الخلايا التالفة والتي إذا كثرت نسبتها قد تسبب تليفاً في الكبد.
3 الأمفيتامين:
هذه المادة لا تخدر الجسم ولكنها تهيج الجهاز العصبي بصورة غير طبيعية وتخل بوظائفه لذلك اعتبرت من المواد المحظورة وصنفت ضمن المخدرات وهي المادة الأساسية المكونة لنبات القات وتأثير هذه المادة الملاحظ كثيرا هو ارتفاع انزيمات الكبد وهو دلالة غير مباشرة على وجود تلف في خلايا الكبد, أما الخطر الأكبر على الكبد من هذه المادة فهو التهاب شديد في خلايا الكبد الذي يتضح بدقة عند فحص عينة نسيجية من الكبد.
4 الهيروين:
الهيروين له اضرار خطيرة على الكبد فبالإضافة الى تأثيره المباشر على خلايا الكبد مما يؤدي إلى تلفها فإنه وخاصة عند الذين يتعاطون شرب الكحول يؤدي إلى تشحم الكبد والتليف خلال وقت اقل لأن كلا منهما يساعد الآخر في إحداث الضرر ومتى ما نتج التليف فإن الشخص المصاب يدخل في مشاكل متلاحقة.
وأختتم بأهم وأخطر الإصابات التي تسببها المخدرات وهي انتقال فيروسات الكبد الوبائية وبالذات فيروس (ب) وفيروس (ج) اللذان يصلان إلى الكبد عن طريق الدم في حالة استخدام حقن المخدرات الملوثة أيا كان نوع المخدر ولا بد لهذه الحقن من التلوث مهما بلغت درجة الحرص لأنها أولا تستخدم في حقن اكثر من شخص وتتلوث بدم شخص مصاب وتنقل الفيروسات إلى شخص غير مصاب وثانيا لأن المواد المخدرة المستخدمة ملوثة وثالثا لأن الجلد الذي تعطى من خلاله الحقنة غير نظيف.
واضرار فيروسات الكبد معروفة لدى الجميع من التهاب حاد في الكبد إلى التهاب مزمن وتليف يؤدي إلى نزيف من الجهاز الهضمي واستسقاء وغيبوبة كبدية وأخيرا إلى فشل كبدي تام مصاحب في كثير من الأحيان بتكون أورام سرطانية في الكبد.
فلماذا نعرض أنفسنا للخطر وقد أعطانا الله عقلا نميز به الضرر والنفع؟ اسأل الله الشفاء لجميع المرضى ووقانا الله وإياكم شرور المخدرات.
البعد النفسي
لا تقتصر آثار المخدرات على الأضرار الحيوية على مستوى الفرد بل إن العلاقة العضوية الحيوية تؤثر وتتأثر بالجهاز النفسي هذا فضلا عن السياق الاجتماعي والثقافي، ومن ثم فإن البعد النفسي كان قد حظي بكمّ هائل من الدراسات والبحوث في مجالات التعاطي والإدمان سواء بالنسبة للمخدرات أو الكحوليات. ونظرا لسبق المشكلة في مصر عن غيرها من البلاد العربية، وسبقها أيضا في إنجازات مشروعات بحوث ودراسات سوء استعمال المخدرات بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية الذي أسس في نهاية الخمسينات، وكذلك في الجامعات المصرية، فإنه بجانب الاستشهاد بنتائج بحوثها في المجال النفسي والاجتماعي فإننا سنقرن النتائج التي وردت في الدراسات الأخرى التي عالجت مشكلة سوء استعمال المواد المخدرة.
البعد الاجتماعي
إن تكرار التعاطي واستمراره وارتباط ذلك بالتركيبة الكيمائية في المخدرات الطبيعية أوالمصتّعة وتأثيرها في الجهاز العصبي المركزي وتنشيطها للجهاز النفسي أثناء إساءة الاستعمال، لا يتم على مستوى ملايين المستعملين إلا في سياقات اجتماعية مختلفة متنوعة الثقافات سواء محبذة أو معارضة أو محايدة لاستعمال المخدرات المحظورة. وقد شاهدنا مجتمعات متقدمة أباحت قوانينها الجديدة تعاطي الحشيش تحت ضغط تغيّر الاتجاهات الثقافية في الرأي العام، وقد أثر ذلك بالفعل في الحركة التجارية والتسويقية للمخدر مما سيمتد أثره إلى أحجام العرض ومساحات الطلب. وبذلك نرى أن العلاقة متشابكة بين أبعاد ومتغيرات متشابكة بين مجتمعات قاربت بينها خطوط الاتصال والانتقال بشكل اختزل به الزمن والمسافات، فالعلاقة معقدة بين وفرة العرض وزيادة الطلب والإدمان أو الاعتماد على المخدر. فمن المؤكد أن التمكين من إعمال قوانين الحظر في أغلب الدول وحجم المضبوطات من المخدرات المحظورة يسبب زيادة في ارتفاع أسعار المواد المخدرة كالأفيون وهذا بدوره قد يقلل من أعداد المدمنين، ودرجة نقاوة المخدرات المستهلكة وحجم الكمية المستخدمة في الجرعة الواحدة. وقد يؤدي هذا إلى تحول نحو أنواع أخرى من المخدرات أقل سعرا وبطبيعة الحال أقل نقاوة وجودة وأكثر ضررا
العلاج
علاج الإدمان متعدد الأوجه فهو جسمي ونفسي واجتماعي معا بحيث يتعذر أن يتخلص الشخص من الإدمان اذا اقتصر على علاج الجسم دون النفس أو النفس دون الجسم أو تغاضى عن الدور الذي يقوم به المجتمع في العلاج.
ويبدأ العلاج في اللحظة التي يقرر فيها الشخص التوقف عن تعاطي المخدرات. ومن الأهمية بمكان أن يكون هو الذي اتخذ القرار بالتوقف ولم يفرض عليه وإلا فإنه لن يلبث أن يعود إلى التعاطي في أول فرصة تسنح له. وهنا يثور تساؤل حول القرار الذي يصدره القاضي بإيداع الشخص الذى قدم إلى المحكمة، وثبت لها أنه مدمن، لإحدى المصحات ليعالج فيه لمدة معينة والذي يبدو بجلاء أنه ليس هو الذي اتخذه وبإرادته وإنما فرضته عليه المحكمة وهل يرجح ألا يستجيب للعلاج ولا يلبث أن يعود إلى التعاطي؟ نعم من المرجح أن يحدث ذلك، وهو ما أكدته الدراسات التي أجريت على عينة من المدمنين الذين تم ايداعهم المصحات لتلقي العلاج وتبين أنهم استمروا في تعاطي المخدرات أثناء وجودهم فيها وبعد خروجهم منها.
كذلك المدمنون الذين تلح عليهم أسرهم ليدخلوا المصحات لتلقي العلاج فلا يملكون إلا الموافقة يعد طول رفض، فإنهم لا يتوقفون عن التعاطي أثناء إقامتهم بالمصحات وإلى أن يغادروها وقد فشل العلاج ولم تجن أسرهم غير الخسارة المالية الفادحة والمتمثلة في ما أنفقته على علاج غير حقيقي بالإضافة إلى المبالغ الكبيرة التى حصل عليها المدمن لإنفاقها على المخدر الذى أدمن تعاطيه.